كلمة الأستاذ الدكتور : أ . د . عبد المجيد محمود  

أستاذ الشريعة الإسلامية والحديث الشريف بكلية دار العلوم - جامعة القاهرة

رئيس الجلسة الثانية قبل البحث الأول 

العودة لصفحة المؤتمر

بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد النبى الأمى ، وعلى آله وأصحابه ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .

وبعد ، أيها الإخوة الكرام ، ما زلنا فى سياق هذا المؤتمر الذى نرجو الله سبحانه وتعالى ، أن تكون الملائكة حافة به ، وأن تتنزل علينا وعليكم السكينة والرحمة والمثوبة من الله .

وفى هذه الجلسة المباركة نستمع إلى بحثين أحدهما لفضيلة الأستاذ الدكتور خالد بن مرغوب بن محمد، وموضوع بحثه " الجهود المبذولة لتحقيق موطأ الإمام مالك رواية يحيى الليثى وحاجته إلى المزيد منها " والمعلوم أن يحيى بن يحيى الليثى - وهو غير يحيى بن يحيى بن بكير الذى يروى عنه الإمام مسلم - هو آخر من روى الموطأ ، وقد روى الموطأ برواية كثيرة ، إلا أن رواية يحيى بن يحيى فيها بعض الملحوظات التى نبه إليها العلماء ، وفى هذا البحث الذى يقدمه فضيلة الأستاذ الدكتور خالد مزيد من البيان حول هذا الموضوع ، فليتفضل مشكورا ...

 ***

 مداخلة أ.د. بشار عواد

رئيس  الباحثين فى عمادة البحث العلمى بالجامعة الأردنية

حول بحث أ.د خالد بن مرغوب

 1- أود أن أشير إلى أن رواية يحيى ليست هى الرواية الجيدة ؛ لكنها لاقت القبول بالصدفة عند الأندلسين والمغاربة ، أما المشارقة فلا أعلم على الإطلاق أن أحدا من المشارقة قد استعمل هذه النسخة ، لا البخارى ولا مسلم ولا الكتب الستة ولا الإمام أحمد ، ولا أحد ، الوحيد الذى استعمل هذه النسخة هو ابن الأثير فى جامع الأصول ، وسبب ذلك أن ابن الأثير عندما أخذ كتابه من كتاب رزين العبدرى . 

وهذه النسخة وقعت فيها أخطاء كثيرة ، وهذه الأخطاء هى التى تعقبها واحد من علماء الأندلس وهو الخشنى فى كتابه " أخبار الفقهاء " حيث استقصاها استقصاء تامًا، وقد أشرت إليها بمجموعها فى كتابى " تحقيق النصوص بين أخطاء المؤلفين وإصلاح الرواة والنساخ والمحققين " الصادر عن دار الغرب الإسلامى قبل سنتين .

2- النسبة التى أشار إليها الشيخ الدكتور خالد كانت جديرة بالعناية ، وهو قد فصل بين رواية ابن وضاح ورواية عبيد الله عن أبيه يحيى ، عبيد الله إنما روى الرواية بأخطائها ، وابن وضاح اتهم بأنه تسور على رواية يحيى بن يحيى الليثى فأصلح الكثير من هذه الأخطاء .

والحقيقة أن جميع الطبعات ، بما فيها طبعة الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقى رحمة الله عليه قد أصلحت فيها هذه الأخطاء ، وهذا صنيع لا يحمده أهل التحقيق الدقيق.

وقد حاولت جهد المستطاع على قلة النسخ التى استعملتها أنا فى طبعتى ؛ وهذا سببه أننا كنا فى حصار جائر ظالم على العراق فى الوقت الذى نشرتُ فيه الموطأ ، لكننى تمكنت بحمد الله ومَنِّهِ بمعرفة 90 % من الأخطاء التى أصلحها يحيى بن يحيى الليثى ، وما فاتنى منها قد استدركته فى الطبعة الأخير التى نُشرت قبل سنتين .

ولذلك من يريد أن يقرأ الموطأ عليه أن يتنبه إلى وجود صفحتين بتصحيح الأخطاء للطبعة المنشورة عن دار الغرب الإسلامى قبل سنتين من هذا التاريخ . وشكرا لكم وجزاكم الله كل خير .

***

 كلمة أ . د . عبد المجيد محمود 

رئيس الجلسة الثانية قبل البحث الثانى

ننتقل الآن - حيث لا أحد عنده أسئلة للدكتور خالد – إلى الموضوع التالى ، التى تقدمه الأستاذة الدكتورة حكيمة حفيظى ، من الجزائر الشقيقة ، والحقيقة أن أهل الأندلس والمغرب لهم اهتمام خاص بموطأ الإمام مالك متن وفقه ومذهب ، ومنه ومن المدونة استُخرِج المذهب المالكى ، وعامة المغرب العربى الإسلامى مذهبه المذهب المالكى ، وله فيه جهود فى الحديث وفى الفقه .

وبالنسبة للحديث فقد تأخر دخول صحيح البخارى فى الحديث إلى هذه البلاد لأن الموطأ عندهم كانوا يكتفون به ، حتى أُدخل البخارى فيما بعد ثم مسلم ، وكان لهم أيضا جهود فى هذين الكتابين مشهورة ، فلتتفضل الدكتورة بعرض بحثها ، ولها الأجر الجزيل إن شاء الله .

***

كلمة أ.د : عبد المجيد محمود

رئيس الجلسة الثانية تعليقًا على البحث الثانى

 شكرًا للأستاذة الدكتورة حكيمة حفيظى ، على هذا التقديم الموجز للبحث الذى قدمته ، وتفصيل هذا البحث إن شاء الله وبحوث غيره سيكون بين أيديكم قريبا ، وكما سمعنا فإن الإمام مالك رحمه الله وموطأه ، وهو مما يعتبر أول صحيح أُلِّف ، كما أنه من أوائل التصنيفات التى أُلفت فى فقه الحديث ، بارك الله له فيه وحفظ أثره وأبقى ذكره ، لأنه كان من المخلصين كبقية علماء الإسلام الذين صاروا أئمة نقتدى بهم ، وإن كان هناك تعقيب أو مناقشةة أو استيضاح لبعض الأمور فعندنا بعض الوقت لماسع ذلك .... تفضلوا ..

***

مداخلة أ.د بشار عواد حول بحث أ.د حكيمة حفيظى

أشكر الدكتورة حكيمة على بحثها ، وأود أن أشير إلى عدد من النقاط البسيطة :

الناحية الأولى : الأندلسيون والمغاربة فى أول أمرهم لم يكونوا من محبى الحديث فى الدراسة ، كانوا فقهاء ، وحينما أُدخل مصنف ابن أبى شيبة إلى الأندلس صارت مشكلة كبيرة ؛ حتى أن بعض الحكام كان يأمر بحرقه ، لكن هذا البلد أصبح بلد حديث بفضل اثنين من علمائه ، هما محمد بن وضاح المروانى ، وبقى بن مخلد الأندلسى ، اللذان ذهبا إلى المشرق وتعلما الحديث وأخذا عن الشيوخ واشتغلا بعد ذلك بالحديث . وقد لاقى ابن حزم الأمرَّين بسبب اعتنائه بالحديث النبوى الشريف واعتماده عليه ، ومخالفته لمذهب الإمام مالك .

الناحية الثانية : أن المغاربة والأندلسيين عادة كانوا يهتمون بصحيح مسلم أكثر من عنايتهم بصيحيح البخارى ، وهذا يتجلى فى أنهم من ناحية الصناعة الحديثة أن الإمام مسلم يجمع الحديث فى مكان واحد وهو رأو أن فى ذلك تفضيل على الإمام البخارى الذى يراعى النواحى الأخرى فى غيره من الأسانيد ، لذلك ابن عبد الحق الإشبيلى المعروف بابن الخراط حينما ألف كتابه الجمع بين الصحيحين اعتبر الإمام مسلم هو الأساس ثم أنزل عليه البخارى وهذا يدل على هذه الحقيقة .

الناحية الثالثة : أنبه المكنز الإسلامى حقيقة إذا أرد أن يطبع الموطأ إلى نسخة نفيسه جدًا من الموطأ ، من العجيب أننى عثرت عليها فى دار صدام للمخطوطات بالعراق ببغداد ، وهى من رواية ابن مَزجِى الأندلسى ، كما فعل اثنان من كبار العلماء هما أبو الحسين اليونينى وابن مالك فى جمع روايات البخارى والمقابلة بينها وعمل النسخة اليونينية المشهور التى طبع عليها البخارى وهى تعد اليوم من أصح هذه النسخ حتى يومنا ، هكذا فعل ابن مزجى بالموطأ حيث جمع اثنتين وعشرين نسخة من روايات ابن وضاح ومن ورايات عبيد الله وقابل بينها ووضع لكل رواية من هذه الرويات رمزًا من الرموز . والنسخة موجودة فى العراق – لا أعلم ما حدث عليها بعد الاحتلال – كنت أملك نسخة مصورة منها فى مكتبتى التى لا أستطيع الوصول إليها فى الوقت الحاضر ببغداد .

حقيقةً أود أن أشير إلى هذه الناحية فمن الضرورى أن نعتمد على هذه النسخة إن شاء الله عند طبع الموطأ ، وشكرًا جزيلاً ، وبارك الله فيكم .

***

سؤال من أحد السادة الحضور

بسم الله الرحمن الرحيم .. عندى سؤالان مهمان للدكتور بشار عواد : 

1- د. بشار أشار إلى أن نسخة يحيى بن يحيى ليست هى أفضل النسخ ، ولذلك كثير من الحفاظ المتقدمين لم يعتمدوا عليها .. فما هى النسخ المعتمدة أو التى اعتمد عليها الحفاظ المتقدمون ؟

2- فضيلة د. بشار أشار إلى أن أهل المغرب لم يكونوا يعتنون أو يحبون الحديث ، وذكر مثالا بالإمام أصبغ أنه كان يبغض المصنف ، فهل نعتبر هذا الموقف موقف شخصى ، أم هى علامة على أن أهل المغرب كانوا يبغضون الحديث ، خصوصًا وأننا نعلم أن هناك كثير من علماء الحديث كانوا مغاربة . وهذه الحادثة حادثة فريدة ، وسُجلت فى الكتب على أنها غريبة من الغرائب ، فلا أدرى هل علامة أم مجرد حادثة ؟ ... وشكرًا

***

رد أ.د. بشار عواد

أولا : كان الأندلسيون حريصين جدا على أن يبقى المذهب المالكى هو السائد ، فخافوا أن يُجْتثوا وهم فى ثغر من ثغور الإسلام فى ذلك الوقت ، فكانت الوحدة المذهبية من أعمدة المكافحة النصرانية المتربصة فى ذلك الوقت بالأندلسيين .

ولماذ نقول أن رواية يحيى لم تكن هى الرواية الفضلى لأن يحيى فى الأصل لم يكن محدثًا ضابطًا ، إنما كان فقيهًا عظيمًا ، أما المحدثون الضابطون فهم عبد الله بن يوسف التنيسى ، وعبد الله بن مسلمة القعنبى ، ويحيى بن يحيى النيسابورى ، ومعين بن عيسى القزاز ، وغيرهم ممن رووا أصحاب الكتب الستة عنهم فى مؤلفاتهم ومصنفاتهم المعروفة .

أما ثانيا : قضية الحديث معروفة عند الأندلسيين ، وأحد طلابى سنة 1975 أو 1976 لا أذكر كتب حول دور الفقهاء فى الحياة السياسية وهو د.القبيصى فى ذلك الوقت وتناول هذه المسألة بشىء من التفصيل .

 العودة لصفحة المؤتمر