نماذج من النشرات التجارية لكتب السنة وبيان أضرارها 

 أ.د. رفعت فوزى عبد المطلب

 أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم - جامعة القاهرة

 العودة لصفحة المؤتمر 

المقدمة.
الفصل الأول: طبقات الفقهاء الشافعيين.
الفصل الثانى: غريب الحديث لابن الجوزى.
الفصل الثالث: الإكمال فى ذكر من له رواية فى مسند أحمد سوى من ذكر فى تهذيب الكمال.
خاتمة.
أهم المصادر.

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

  المقدمة

الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وصلى الله تعالى وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد...

فهذا البحث إنما هو صرخة لنتنبه إلى العبث بالتراث وأهله من خلال ما يقدم من مطبوعات لعلماء أجلاء، ويَدَّعِى مقدموها أنهم حققوها، وما هم بمحققيها، ولكنهم شوَّهوها، وقدموا أمثلة على عدم ورعهم وعلى جشعهم لنيل حفنات من المال، وإلا فما الذى يدفعهم إلى هذا العبث والتشويه والزيف ؟! وما يترتب على هذا كله من التحريف الذى لا يسلم منه من يريد الاستفادة من هذه الكتب.

لا أظن أن أحدًا من الذين يحققون التراث أو يؤلفون فيه لا يخطئ كتابُه الذى يقدمه تحقيقًا أو تأليفًا، ولكن شتان أن نجد فى الكتاب كله بعض الأخطاء التى تَنِدُّ عن التصحيح، وتكون من الندرة بمكان، وبين كتب لا تكاد تخلو كل صفحة منها من خطإ أو خطأين أو أكثر من ذلك، كالكتب التى نقدمها فى هذا البحث.

ويترتب على ذلك الكذب والتضليل والإضلال، ونسبة الأقوال إلى غير أصحابها، وتحريف الكلم عن مواضعه وغير ذلك من الآثار والآثام.

وليس الغرض من ذلك التشهير بأصحاب هذه التحقيقات المزعومة، فمن شيمتنا البعد الواسع عن ذلك، ولكن لعل مثل ذلك يجعل أصحاب هذه الكبائر يَرْعَوُون، وكذلك أمثالهم خشية أن يبدلوا فى دين الله عز وجل، فإن هذا التراث من الدين، وليَحْذَر الباحثون أن ينهلوا من هذا الكَدَر فتتشوه بحوثهم دون أن يدروا.

ولنتذكر قول الأول :

ومهما تكن عند امرئٍ من خَلِيقة   وإن خَالها تَخفَى على الناس تُعْلَمِ

وليتذكر هؤلاء المزيفون للتراث أنهم يُحَادُّون اللَّه عز وجل ورسوله ؛ لأن الله تعالى تكفل بحفظ دينه، وهم يعملون على مسخ تراث هذا الدين.

والسُّنة اليوم تتعرض لهجمة شرسة يقوم بها أعداء لديننا، فماذا نصنع لو وقعت هذه الكتب بأيدى هؤلاء الأعداء ؟ إنهم سَيُشَهِّرُون بالتراث، ويصمونه بالتخريف وليس بالتحريف. والله عز وجل المستعان.

هذا ونطاق هذا البحث أملى على أن أكتفى بما فى الكتب المنشورة من نصوصها ومتونها.

أما التعليقات عليها فقصة أخرى ربما يفوق التزييف فيها ما يحدث فى المتون، وخاصة فى تخريج الأحاديث، وعسى أن نلتفت إلى ذلك ونسجله - إن كان فى العمر بقية - إن شاء الله تعالى عز وجل، ويتكون هذا البحث من ثلاثة فصول، كل فصل يتناول كتابا من الكتب المنشورة والمدعى تحقيقها فى مجال السنة، فالأول فى مجال الرجال، وكذلك الثالث، والثانى فى مجال غريب الحديث.

نسأل الله تعالى السلامة والعافية، وأن نكون أمناء على تراث ديننا وكتبه.

رفعت فوزى عبد المطلب

 

  الفصل الأول

أول كتاب نبدأ به هو كتاب " طبقات الفقهاء الشافعيين " لابن كثير الدمشقى، وكتب تحت هذا العنوان : تحقيق وتعليق وتقديم : رجلين.

أحدهما : أحد الذين كان لهم منصب مرموق بجامعة الأزهر ونشهد له بالعلم والفضل.

والثانى : يدعى الدكتور / محمد زينهم محمد عزب، وأرى أن الذى قام بهذا العمل هو الثانى، أما الأول فيحار المرء - وهو من العلماء - أن يُزَجَّ به على غلاف هذا الكتاب.

وأغلب الظن أنه وضع ترويجًا للكتاب دون أن يدرى ما فيه من خطايا وبلايا.

وليس هذا المحقق المزعوم - أو ليس عمله صادرًا عن حصافة وذكاء.

لأنه لو أراد بهذا العمل أن يخرج إلى الناس مستقيمًا أو شبه مستقيم للجأ إلى المصادر التى صنفت فى الطبقات، وفى الكتب التى ألفت فى آداب الشافعى ومناقبه.

فمادة الكتاب موجودة فى هذه الكتب، وأغلب ظنى أنه دفع بالمخطوط الذى عنده إلى كاتب فكتبه. ثم لم يصححه، ودفعه إلى المطبعة، وسيرى القارئ الكريم صحة هذا الظن ؛ إذ هناك أخطاء لا يقع فيها طالب بكلية من كليات الأزهر، ولم يحصل بعدُ على الشهادة العالية، ولا يقع فيها من باب أولى حامل ماجستير أو دكتوراه.

ونشر هذا الكتاب فى دار نشر تُدْعى مكتبة الثقافة الدينية. وعنوانها على غلاف الكتاب.

الإدعاء الكاذب :

أول ما يطالعنا فى هذا الكتاب من الدجل هو أن البداية ليست من بداية المخطوطات، وإنما بدأ بنصف قصة : هكذا " الأباضى عند الشافعى (ص3).

ومخطوطات الكتاب فى الحقيقة تبدأ بالمقدمة، ثم فصول عدة، وموضوعات، إلى أن تصل إلى هذا الموضع بما يقرب من أربعين صفحة.

وهنا يظهر الدجل فيعلق المحقق المزعوم بقوله "هنا نقص فى المخطوطة، وخاصة فى المقدمة، وهى النسخة الوحيدة فى العالم".

وهو يوهم أنه استقصى وأحصى، فما وجد فى العالم كله مخطوطة لهذا الكتاب. ولدى ثلاث نسخ من هذا الكتاب كلها تبدأ بالمقدمة، وبأول الكتاب. ثم تأتى الطامات الكبرى بعد ذلك، فما من صفحة فى الكتاب إلا وفيها كثير جدًّا من الأخطاء :

صفحات متوالية فيها أخطاء كثيرة :

(1) فى الصفحة الأولى التى تحمل رقم (3) نجد النص هكذا :

الأباضى عند الشافعى فى دار الجروى بمصر فى الأثمان ق2 فاحتج مصلان فى الزيادة والنقصان، وأحتج حفص القرد فى الأثار قول معك حفص القرد على مصلان وقوى عليه، وضعف مصلان، فحمى الشافعى، وتقلد المسألة على أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، فطمن حفصا القرد قطعه.

هذه السطور على قلتها فيها الكثير من الأخطاء فضلاً، عن أنها غير مفهومة تمامًا :

1- فى السطر الأول كلمة " الأثمان "، وإنما هى " الإيمان ".

2- فى السطر نفسه سقطت كلمة " فتكلما " أى : فتكلما فى الإيمان.

3- فى السطر الثانى : وأحتج بهمزة القطع، وإنما هى همزة وصل لا تكتب على الألف.

4- فى السطر نفسه، وفى سطور الفقرة كلها " مصلان " وإنما هو مِصْلَاق وهو أبو عمرو المصرى البصرى، من أكابر المجبرة، وأصحاب أبى يوسف ( الفهرست 255 - والجواهر المضية 1/223 - والكواكب السيارة 167، واللسان 2/330 ).

5- فى السطر نفسه : " حفص القرد " إنما هى " حفص الفرد " بالفاء.

6- فى السطر الثالث : " حفص القرد " أيضًا.

7- فى الكلمة الثانية من السطر الثالث كلمة " معك " وصحتها " فَعَلا " أى : انتصر.

8- فى السطر الأخير من الفقرة جاءت عبارة : " فطمن حفصًا القرد قطعه ". وصحتها : " فطحن حفصًا الفرد وقطعه ".

أى فى هذه الأسطر ثمانية أخطاء، وهى أكثر من ذلك لو عددنا الكلمات الخطأ التى تكررت ككلمة " مصلاق " التى تكررت فى السطور بالخطإ فيها، وكذلك كلمة " حفص الفرد " التى تكررت أكثر من مرة، وهذا النص موجود فى كتاب آداب الشافعى ومناقبه لابن أبى حاتم (ص192).

وها هو النص صحيحًا محققًا مفهوم المعانى، كما يليق بكلام ابن كثير مؤلف الكتاب :

" اجتمع حفص الفرد ومِصْلاق الأباضى عند الشافعى فى دار الجروى بمصر، فتكلما فى الإيمان، فاحتج مصلاق فى الزيادة والنقصان، واحتج حفص الفرد فى الإيمان : قول، فعلا حفص الفرد على مصلاق وَقَوِى عليه، وضعف مصلاق، فحمى الشافعى، وتقلد المسألة على أن الإيمان : قول وعمل، يزيد وينقص، فطحن حفصًا الفرد وقطعه "

وقد نقله ابن كثير من كتاب آداب الشافعى لابن أبى حاتم الذى حققه فضيلة الشيخ عبد الغنى عبد الخالق. (ص192) 

فإذا ما انتقلنا إلى صفحة (3-4) نجد قول الشافعى : " ما يحتح عليهم - يعنى أهل الإرجاء - بأنه أرجح من قوله تعالى «وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ » [سورة البينة ، الآية 5]... وقد نقل الطبرى عن الإمام الشافعى أنه حكى على ذلك " إلخ.

هذا النص فيه ما يلى من الأخطاء والسقط :

أ- كتب : " بأنه أرجح " وهى " بأنه أحج " من الحجاج.

ب- الآية فيها أخطاء : ( وما امروا ) فلم توضع همزة القطع فى " أمروا " ولم توضع الهمزة فى " ويؤتوا الزكاة ".

جـ- وفى قوله: "أنه حكى على ذلك" هى: حكى الإجماع على ذلك " فسقطت كلمة " الإجماع ".

أما الصفحة التى تلى ذلك (ص5) ففيها السقط :

أ- فى السطر الأول جاءت العبارة هكذا : " أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم على.... 

وسقطت " ثم عثمان " بين عمر وعلى.

وكأن الشافعى لا يرى لعثمان فضيلة، أو هو بعد هؤلاء جميعا.

ب- وفى أول السطر كلمة " المؤذن " وصحتها " المؤدب ".

جـ- وفى السطر الثالث قول الشافعى فى الخلافة فى التفضيل... أبى بكر... إلخ، وهكذا وضع نقاطًا بعد كلمة التفضيل، وقال فى موضع النقاط بياض بالأصل ؛ ولأنه يعتمد على نسخة واحدة هى الوحيدة فى العالم كما يزعم كذبًا لم يستطع أن يحل هذه المشكلة.

وهى فى المخطوطات لدينا " يبدأ بأبى بكر...

د- وفى السطر السادس : سمعت الشافعى يقول : الخلفاء خمسة.

والنص فى المخطوطات : " سمعت الشافعى يقول فى الخلافة والتفضيل : الخلفاء خمسة.

أى هناك أربعة أخطاء فى ستة أسطر، وهى كل المتن فى هذه الصفحة.

واقرأ هذه السطور فى الصفحة التالية (ص6)، وانظر : هل تفهمها بما فيها من التحريف والتبديل والتغيير والافتراء على ابن كثير (ص6) : " فتبين بهذا خطأ ".

قال أحمد بن عبد الله العجلى عن الشافعى أنه شيعى وهذا القول فى العجلى محاربة للعلم، وإنما غره وذلك ما قدمنا ذكره حران أهل اليمن لما رموه فى جملة أولئك النفر القرشيين، وحمل معهم إلى الرشيد، وكان فيهم تشيع أعتقد أهل العلم أن الشافعى كان إذ ذاك على مذهبهم، والإمام الشافعى أعظم محلًّا وأجل قدرًا من أن يرى الشيعة الفرقة المخذولة والطائفة المذولة، وهو دواء إليهم التام ".

قل لى بربك أيها الباحث أو القارئ هل فهمت هذا النص بصرف النظر عما فيه من تحريف ؟ 

أُثْبِتُ لك هذا النص من غير تحريف لترى الإضاءة فى النص، والفهم السديد له :

" فتبين بهذا خطأ قول أحمد بن عبد الله العجلى فى الشافعى : إنه شيعى، وهذا القول من العجلى مجازقة بلا علم، وإنما غره فى ذلك ما قدمنا ذكره من أن أهل اليمن لما رموه فى جملة أولئك النفر القرشيين، وحمل معهم إلى الرشيد، وكان فيهم تشيع _ اعتقد من لا يعلم أن الشافعى كان إذ ذاك على مذهبهم، وإلا فالإمام الشافعى أعظم محلًا، وأجل قدرًا من أن يرى الشيعة الفرقة المخذولة، والطائفة المرذولة، وهو ذو الفهم التام... ".

أرى أن الكلام أصبح مفهومًا سلسًا يليق بابن كثير رحمه الله تعالى.

وفى آخر الصفحة هذه - أى فى آخر سطر من المتن - نجد: " سمعت أبا الوليد حيان بن محمد الفقيه " وإنما هو : سمعت أبا الوليد حسان بن محمد الفقيه . فانظر :

1- كيف تحولت " مجازفة بلا علم " إلى " محاربة للعلم ".

2- وكيف تحولت " ما قدمنا ذكره من أن أهل اليمن " إلى : " ما قدمنا ذكره حران أهل اليمن ".

3- وكيف تحولت : " وهو ذو الفهم التام " إلى " وهو دواء إليهم التام ".

4- وكيف تحولت كلمة : " المرذولة " إلى كلمة لا معنى لها : " المذولة ".

5- هذا إضافة إلى جعل همزة الوصل همزة قطع، وتغيير حروف الجر بما يؤدى إلى تغيير المعنى، والسقط.

والشعر لم يسلم من عبثه :

وهكذا أيها القارئ الكريم فى كل صحيفة أمثال هذه الطامات , والشعر لم يسلم من تكسيره , ويمكننى أن أكتفى بهذا فى بيان طبيعة هذا المسخ والتشويه، ولكنى أوضح لك نوعًا عجيبًا من التحريف , وهو التحريف فى أبيات الشعر , والمحقق - بل المصحح – لأننا لسنا أمام تحقيق – يفترض فيه أن يدرك من أول وهلة أن ما يقرؤه من الشعر يكون موزونًا أو غير موزون، ثم يضبط بالشكل منه ما يحتاج إلى ضبط حتى يستقيم الوزن ؛ كتابة ونطقًا.

فى الصفحة رقم (7) وهى تالية لما تناولناه من صفحات نجد أبياتًا من الشعر وهى ستة أبيات، وسأختار منها الأول، والثانى، والسادس، وهى :

أشهد بأن الله لكل شى   وأن عرب الأعار قول مبين
فما لقواه يشهد سفاهه   وأشهد أن البعث حق وأخلص
وبعد زكى يزيد وينقص   وما لسفيه يحبس ويحرص

هل فهمت هذه الأبيات، هل هى موزونة على أى بحر من بحور الشعر ؟!

إليك هذه الأبيات كما هى فى المخطوطات، وعند الذين ألفوا فى آداب الشافعى ومناقبه كالبيهقى فى كتابه : " مناقب الشافعى (ص2/68).

شهدت بأن الله لا شىء غيره   وأن عرى الإيمان قَوْلٌ مُبَيَّنٌ
فما لغواة يشهدون سفاهة   وأشهد أن البعث حق وأخلص
وفِعْلٌ زَكِىٌّ قد يزيد وينقص   وما لسفيه لا يَخيسُ ويَخْرُصُ

وفى الصفحتين التاليتين أبيات ثلاثة هى كما يلى :

يا راكبا قف بالمحصب من منى   لحر إذ أقام الحج إلى هنا
إن كان أحد رفضاحب آل محمد   واهتف بقاعد خيفها والناهض
قنصا كملتطم الفرات الفائض   فليشهد الثقل زانى رافضى

أفهمت البيت الثانى والثالث ؟

وهاك الصحيح :

يا راكبًا قف بالمُحَصَّب من مِنَى   سَحَرًا إذا قام الحجيج إلى منى 
إن كان رفضًا حب آل محمد   واهتف بقاعد خَيْفِها والناهض
فَيْضًا كملتطم الفرات الفائض   فليشهد الثقلان أنى رافضى

وفى الصفحة التالية تقرأ البيتين التاليين : 

قد يقرأ الناس حتى أحدثوا بدعًا   حتى إسحاق يحق الله ليرهم
فى الدين بالرأى لم يبعث بها الرسل   وفى الدين حمو رفقه شغل

هل فهمت شيئًا مع هذا التحريف والتشويه ؟

هذان هما البيتان كما فى المخطوطات :

قد نَقَّرَ الناس حتى أحدثوا بدعًا    حتى استخفّ بحق الله أكثرهم
فى الدين بالرأى لم يبعث بها الرسل   وفى الذى حُمِّلُوا من حقه شُغُل

وأخيرًا، وليس آخرا خذ هذا البيت فى الصفحة التالية مباشرة :

متى ما تعد بالباطل الحق بابه   إذا ما أتيت الأمر من غير بابه
وأن مدت فالحق الرأسى منفذ   طالت وأن تقصد إلى الباب يهتد

لن تفهم شيئًا من هذين، ولكننى أقدم لك البيتين كما فى المخطوطات :

متى ما تَقُد بالباطل الحقَّ يَأْبَهُ   إذا ما أتيت الأمر من غير بابه
وأن قُدْتَ بالحق الرواسى تَنْقَدِ   ضللت وإن تقصد إلى الباب يهتدِ

هكذا بطبيعة الحال - قياسًا على ذلك - يكون كل الكتاب، وهذا تحريف وعبث بالتراث من أجل حَفْنَةٍ من النقود لا يبارك الله فيها، لا للناشر، ولا لمن زعمَا التحقيق، فيستحيل أن يستفاد من الكتاب على هذا النحو. والله عز وجل هو المحيط بأعمال العباد فى الدنيا والآخرة.

وكثير من مادة هذا الكتاب فى الكتب التى تناولت آداب الشافعى ومناقبه، وكان يمكن للمحقق المزعوم أن يرجع إليها.

نموذج من التحقيق لعالم جليل :

ورحمة الله عز وجل - فى هذه المناسبة - على صاحب الفضيلة الشيخ عبد الغنى عبد الخالق الذى حقق كتاب " آداب الشافعى ومناقبه " منذ أكثر من أربعين سنة، يوم أن لم يكن هناك كتب كثيرة قد طبعت، فجاء الكتاب مثالًا ممتازًا للتحقيق والتدقيق، والإخلاص فى ذلك، ويتجلى ذلك فى تحقيقاته وتعليقاته وتوثيقه للنصوص، ومع هذا تشعر - وأنت تقرأ مقدمة تحقيقه - تواضع الرجل، وذكره أنه لم يصنع شيئًا كثيرًا، وأنه يُقَدِّم تحقيقه وتعليقاته على استحياء.

والحق أنه حاز قصب السبق فى تحقيقه هذا الكتب، وسبق فى عمله ومنهجه كثيرًا من المحققين الكبار بعده.

فجزاه الله عن التراث وأهله خير الجزاء وأحسنه، ورحمه رحمة واسعة.

وكثير مما فى هذا الكتاب استفاد منه ابن كثير فى كتابه، وكان يمكن للمحقق المزعوم أن يستفيد منه، فيتجنب بعض بليَّاته فى كتاب ابن كثير.

  الفصل الثانى 

غريب الحديث لابن الجوزى

تزييف لا توثيق :

كتب على غلاف هذا الكتاب : وثق أصوله، وخرج حديثه، وعلق عليه الدكتور عبد المعطى أمين قلعجى، ونُشِرَ فى دار الكتب العلمية - بيروت.

وهذا الكتاب يعتبر من القواميس التى يرجع إليها خاصة فى الضبط، ولذلك تضبط فى مخطوطاتها،ويعتنى بهذا الضبط أكثر من العناية به فى بعض المخطوطات.

ولا ينبغى أن يتصدى لتحقيقها إلا من يكون من العلماء الذين عندهم العلم والخبرة، واليقظة والدُّربة، أو من يطلق عليهم الجهابذة.

وخاصة إذا كان الأمر يتصل بعلم شريف، كحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولكن من الحظ العاثر أن يتصدى لهذا الكتاب أو غيره أمثال هؤلاء السوقيين الذين يتاجرون بالتراث بلا تقوى ولا ورع، فيقدمون للقارئين الزيف والأخطاء التى تمسخ الكتب، وتجعلها أبعد ما تكون عن أهدافها وأهداف مصنفيها من العلماء الأجلاء أمثال ابن الجوزى، بل يكون عملهم افتراء على الكتاب وعلى مصنفه.

هذا الرجل الذى زعم أنه حقق الكتاب غيرُ متخصص فى الدراسات الإسلامية عامة، ولكنه يزج بنفسه فى الكتب هذه ليشوهها وهو دكتور فى الطب البشرى، ولكنه يكتب هذه الكلمة ليدلس ويوهم أنه من أمثال الدكاترة المتخصصين فيما يتصدى له من كتب.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يأتى بصور لبعض صفحات من مخطوطات الكتاب ليوهم أنه حقق الكتاب على هذه المخطوطات، وهو غير صادق فى هذا، كما أنه غير صادق فى ادعائه أنه : يحقق، ويدقق، ويوثق.

والتحقيق والتدقيق والتوثيق منه بَرَاء. ولو كان عنده خبرة، أدنى خبرة، لكان الأمر ميسورًا عنده أن يخرج الكتاب محققًا موثقًا - كما زعم.

ذلك أنه فى المكتبة العربية كثير من المعاجم التى فيها مادة الكتاب.

بل هناك كتب خُصت بغريب الحديث، وأشار إلى بعضها ابن الجوزى، وهو قد رجع إلى بعضها، ولكن لم ينفعه ذلك شيئًا، فجاء الكتاب من أوله مسخًا مشوهًا.

وكان الله عز وجل فى عون طلاب العلم حتى لا يقعوا فى حفر هذا الكتاب، فتقضى على علمهم وتحقيقاتهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.

وأول ما نفعله أن نقارن بين ما فى صورة المخطوط الذى صدر به الكتاب، وبين ما أثبته فى التحقيق المزعوم.

ما نَشَرَ من المخطوط لم يسلم من تحريفه :

فى ص6 فى السطر الأول وما بعده : " يقال : أَبَدْتُ النخلة آبُدُها، وكذلك قوله : " من باع نخلًا قد أُبِدَت أى لُقِّحَت، قال أبو عمرو بن العلاء : نخل قد أُبِدَت وأُبِّدَت وَوُبِّرَت : ثلاث لغات، فهى مؤبَّدَة، ومَوْبُورة ومَأْبُورة أى مُلَقَّحة ". ومأبوره، أى مُلَقَّحه.

ويقال لكل مصلح ضيعة هو آبدها، وإنما قيل للمصلح آبد لأنه مصلح ".

هكذا جاء النص فى الصفحة الثانية من الكتاب بعد المقدمة، ولعلك تدرك من القراءة دون الرجوع إلى شىء من المعجم مدى التحريف الذى طال الحديث المشهور :

" من باع نخلاً قد أُبِّرَت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع " وهو حديث متفق عليه.

وقد وضع صورة لصفحة من مخطوط الكتاب فيه هذا النص، وهو هكذا فيه :

" فى الحديث سكة مَأْبُورَة أى مُلَقَّحَة، وكذلك : من باع نخلًا قد أُبِّرَت : أى لقحت.

قال أبو عمرو بن العلاء : يقال : نخل قد أُبِّرَت، وأُبِرَت، ووبِّرت، ثلاث لغات، فهى مُؤَبَّرة، ومَوْبُوَرة ومأبُورة أى مُلَقَّحَة، ويقال لكل مصلحِ ضيعةٍ : هو آبِرُها، وإنما قيل للملقح : آبِرٌ.

هكذا كل المادة بالهمزة والباء والراء، ولكنها عند هذا المحقق بالدال فى معظمها بدل الراء.

فمن أين جاء بهذا ؟!، وورقة المخطوطة شاهدة على تحريفه.

ولنذهب إلى غير ابن الجوزى لنوثق ما عنده، كما ينبغى أن يفعل المحققون : لنذهب إلى أبى عبيد فى غريب الحديث : " أما قوله سِكَّةٌ مَأبورة، فيقال : هى الطريقة المستوية المصطفَّة من النخل، ويقال : إنما سميت الأزقة سِكَكًا لاصطفاف الدور فيها كطرائق النخل.

وأما المأبورة فإنها قد لُقِّحَت، يقال : أَبَرْتُ النخل فأنا آبُرُهَا أَبْرًا، وهى نَخْلٌ مَأْبُورَة.

ومنه الحديث المرفوع : " من باع نخلًا قد أُبِّرَت ويقال : قد أُبرَت - فثمرها للبائع إلا أن يشترط المبتاع ".

ويقال أيضا إيتَبَرْتُ غيرى إذا سألته أن يأبِرَ لك نخلك، وكذلك الزرع. قال طَرَفَة :

ولى الأصل الذى فى مثله   يُصْلِح الآبِرُ زَرْعَ المُؤْتَبِر

فالآبر : العامل، والمؤتَبِر : رَبُّ الزَّرْع، والمأَبُور الزَّرْع والنَّخْل الذى لُقِّح (غريب الحديث 3/368).

الذى ينبغى للمحقق أن يفعله، وهو يتصدى لمثل هذا الكتاب أن يطلع على كتب الغريب حتى يصحح عمله ويوثقه، وإن كان مثل هذه المادة التى حرَّفها يدركها صحيحة طالب فى الثانوى، أو سمع عن تأبير النخل، أو التفت إلى أن المادة هى الهمزة مع الباء والراء ( أ ب ر ).

ونسجل بعض الأخطاء، ونشير إلى تصحيحها فى عجالة سريعة.

تحريفات فى معجم :

1- فى ص186 من الجزء الأول، وفى مادة الحاء مع الباء نجد قول ابن الزبير : إنا لا نموت حججًا على مضاجعنا. قال : والحجج أن يأكل البعير لحاء العرفج، فتسمن على ذلك، وربما قتله، يقال حبج يَحْبج حَبْجًا إذا انتفخ بطنه عن بَشَم.

قوله : حججا. خطأ، وإنما هى حَبَجًا، وكذلك قوله " والحجج "، ولم يلتفت إلى المادة وهى ( ح ب ج ) ولا لما هو صحيح بعدها.

قال فى النهاية لابن الأثير (1/327) : فى حديث ابن الزبير رضى الله عنهما : " إنا لا نموت حَبَجًا على مضاجعنا.. الحَبَج بفتحتين أن يأكل البعير لحاء... ".

ولم يكن عنده من الذكاء أن يدرك أن المادة الحاء مع الباء، ولم يكن عنده من الذكاء أيضًا أنها جاءت بعد ذلك على الصواب فى النص، وإن كانت غير مضبوطة بالشكل.

وفى الصفحة التى تليها (1/187) قال أبو هريرة : حين لا ألبس الحِبَيْر، وصحتها : الحَبِير. 

ففى النهاية لابن الأثير : بُرْد حَبِير، وبُرْدٌ حِبَرَة بوزن عِنَبة (1/138).

وفى ص188 من الجزء الأول يقول :

وقوله : " إلا أكله الخَضر " مثل للمقتصد ؛ لأن الخَضَر بقل ليس من أحرار البقول ". انتهى ما أثبته.

فى الحديث : " إلا آكلة الخَضِر ".

قال فى النهاية : والخَضِر - بكسر الضاد - نوع من البقول . فتحولت عنده كلمة " آكلة " : " أكله " هكذا بهمزة واحدة فى أولها، وآخرها : هاء. ولا أدرى كيف تنطق بصنيعه هذا، فهو لم يضبطها.

" والخَضِر " تحولت عنده : " والخَضَر " والكلمة الأولى " الخَضر " لم يضبط الضاد، وتركها هكذا محتملة النطق على أى وضع.

 عدم الضبط الصحيح :

وغير خافٍ على عامة الدارسين، وعلى جميع المستويات، أن المعاجم يرجع إليها فى أمرين :

الأمر الأول: هو الضبط.

والأمر الثانى: هو كشف المعنى.

وهو لم يحقق الأمر الأول، بل حَرَّفَ وبَدَّل ولنذهب إلى صفحة (189) من الجزء الأول، وهى الصفحة التى تلى الصفحة السابقة - لتجد فى هذه الصفحة الواحدة أكثر من خطإ :

1- تجد ما يلى " وكانت عائشة تحتبك تحت ذِرْعها فى الصلاة أى تشد الإزار وتحكمه ".

هكذا : " ذِرْعِها " والصحيح : " دِرعها " بالدال المهملة.

2- وتجد : " رأس الدجال حُبك حُبك. قال ابن قتيبة : هو المتكسر من الجعودة كالرملة يضربها الرمح ".

ففى هذا النص تحولت كلمة " الريح " إلى " الرمح " فالصحيح : كالرملة يضربها الريح. ولم يضبط من " حُبك " إلا الحاء تاركا ضبط الباء ليحتمل النطق بها على أوضاع مختلفة وصحة ضبطها : " حُبُك، حُبُك ". ( انظر النهاية 1/333).

3- وفى هذه الصفحة أيضًا : " فى الحديث : " إن ناسًا يَتَحَبَّلُون الصنيع، أى يصيدونها بالحبال " هكذا : " الصنيع " وصحتها " الضبع ". ( انظر النهاية 1/334) ( والفائق 1/258).

4- وفى هذه الصفحة أيضًا :

وكان لأنس " حَبْلة " بإسكان الباء، وهى الأصل من الكرحة. هكذا : " الكرحة " بالحاء، وصحتها : " الكَرْمَة. بالميم. وفى النهاية : " وكان أنس يسميها أم العيال، أى : تطعمهم. (1/334).

أربعة أخطاء فى صفحة واحدة من معجم !

التحريف والتصحيف وأثر ذلك على المعنى :

أما الذى هو سائد فى الكتاب كله ولا يحتاج إلى أمثلة فهو :

1- تحريف الكلمات وتحويل رسمها إلى كلام غير مفهوم.

2- عدم ضبط كثير من الكلمات.

3- الخطأ فى الضبط وقد يتطرق ذلك إلى خطإ الإعراب , ولنضرب بعض الأمثلة حتى لا نرسل الكلام إرسالًا.

فى ص (195) من المجلد الأول :

1- " ما أقْطَعْكَه العقيق لِتَحْتجِنَه، والصواب : ما أَقْطَعَكَهُ. فالفعل الماضى لا يجزم بالسكون، وهو هنا ليس فى موضع الجزم. النهاية 1/348، الفائق 1/262.

2- وفى هذه الصفحة أيضًا (1/195).

" رأيت عَلْجًا قد يُحجَّى أى زمزم " وصحة العبارة : رأيت عِلْجًا قد تَحجَّى، أى زَمْزَم. النهاية (1/349).

وإذا أردت أن تقف على مثال صارخ للخطإ فى الضبط الإعرابى، ففى (1/185) جاءت هذه العبارة : قال ابن عباس : من استجهل مؤمنًا فعليه إثمه، وهو أن يحملُه على شىء ليس من خُلقه فيغضبُه هكذا برفع الفعلين " يحملُه " و " يغضبُه "، والصواب : أنهما منصوبان " بأن " .

وفى هذه الصفحة نفسها " فى الحديث : انتزع الذئب شاة فجهجأه الرائى " وهى فى كتب الغريب : فجهجأه الرجل : النهاية : مادة جهجه 1/319، غريب الحديث للخطابى (1/349)، الفائق (1/285).

وفى هذه الصفحة كذلك : قوله " سبعين خريفا للمُجِيْد " هكذا : " للمُجِيْد " فوضع سكونا على الياء، وهذا خطأ وهذه ظاهرة تتكرر عنده. ربما فى كل صفحة ؛ أن يضع على ياء المد أو واو المد سكونا.

تخطئة أئمة اللغة :

وأحيانا يؤدى خطأ هذا المحقق المزعوم إلى تخطئة الإمام عند من لا يدرى أن الخطأ من المحقق . ففى (1/185) قال : " كما تنبت الحَبَّة... 

وقال الكسائى : هى حب الرياحين، الواحدة حَبَّه هكذا كما تنبت الحَبَّة بفتح الحاء.

وهذا خطأ، والصحيح : " كما تنبت الحِبَّة " بكسر الحاء وكأن الكسائى الإمام فى اللغة هو الذى أخطأ.

والحق أن الخطأ من المحقق المزعوم ( انظر غريب الحديث لأبى عبيد 1/202) وكما تقدم قد يكون العبث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما مر.

وكالمثال التالى فى 1/401 قال : فى الحديث " صلوا فى مَرَاح الغنم وامسحوا رَعَامها " هكذا بفتح الميم فى الكلمة الأولى والراء فى الكلمة الثانية.

وفى النهاية 2/235 : " صلوا فى مُرَاحِ الغنم، وامسحوا رُعَامها.

بضم الميم فى " مُرَاح " والراء فى " رُعَامِها ".

أريد أن أنتهى من هذا الكتاب ولكن بصرى انتقل إلى الصفحة المقابلة فرأى ما لا يقع فيه الصغار فى أولى مدارج التعليم كالابتدائى، وهو جعل همزة الوصل همزة قطع، فيثبتها : قال : فى الحديث " فخرجت قريش ولهم إرتعاج " وصحتها : " ارتعاج " فلا تثبت الهمزة.

 

  الفصل الثالث

الإكمال فى ذكر من له رواية فى مسند أحمد سوى من ذكر فى تهذيب الكمال

زاعم تحقيق هذا الكتاب هو نفسه الذى زعم تحقيق الكتاب السابق " غريب الحديث لابن الجوزى، وزعم أنه "حققه ووثقه"

وهذا الكتاب يضم زوائد رجال أحمد على رجال الكتب الستة، كما ينبئ عنه عنوانه.

ولو كان عنده أدنى خبرة بالتحقيق لأدرك أن مادة هذا الكتاب فى كتب سهلة التناول لتُسَدِّد خطاه.

ومن هذه الكتب كتاب "تعجيل المنفعة" لابن حجر، هذا الكتاب يضم زوائد رجال مسانيد الأئمة الأربعة : أبى حنيفة والشافعى ومالك وأحمد، إذًا هو يحتوى على مادة هذا الكتاب الإكمال.

وهو رجع إليه، لكنه لم يستفد منه فى تصحيح أخطاء كثيرة وقع فيها، كما سيتبين لنا.

ومن هذه الكتب كتاب "التذكرة" للحافظ أبى المحاسن الحسينى، وهو يضم رجال الكتب الستة مع ما زاد عليها فى مسانيد الأئمة الأربعة. وهو مؤلف كتاب الإكمال.

ومن هذه الكتب كتاب "ذيل الكاشف" لأبى زرعة العراقى. وجُلُّه هو فى مادة هذا الكتاب الذى نحن بصدده، وهو الإكمال.

وقد رجع إلى الكتابين الأولين على نزر يسير، ولكنه لم يستفد منهما فى تصحيح أخطائه الكثيرة، بل وقع فى الأخطاء التى وقعت فى التعجيل.

وعملى فى الحقيقة لكشف زيف هذا الرجل ؛ لأنه لم يدقق فى المخطوطات كما هو الشأن فى بدهيات التحقيق، وليته نشر صفحة من مخطوط الإكمال لمقارنة المخطوط بما عمل، كما فعلنا فى الكتاب السابق.

وسنختار عينات عشوائية لتدل على طبيعة عمله هذا.

المقدمة تنبئ عن العمل :

وقبل أن ندخل إلى ما زعم تحقيقه تطالعنا هذه العبارة فى مقدمته : " ما شبع آل محمد من خبر مأدوم حتى مضى لوجهه ".

هكذا : " خبر مأدوم "، وصحتها " خبز مأدوم "، وقد يكون الخطأ مطبعيًّا، وقد يكون غير ذلك، فالرجل قد تبدر منه أمثال هذه السقطات. والله عز وجل وتعالى أعلم. (ص12م) ( السطر الرابع من تحت فى المتن ).

فى الصفحة التى تليها، فى (13م ) فى السطر الرابع :

" ذكر أبو العز بن كادس " بالسين. هكذا، وصحتها أبو العز بن كادش، بالشين. وهو أحمد بن عبيد الله.

عَدِّ عن ذا، ولندخل إلى الكتاب.

الأخطاء كثيرة وتغيير فى الأسماء :

1- فى ص21 رقم 44 : إسماعيل بن يزيد أبو يزيد الرقى، روى عن " فرات بن سليمان ".

وإنما هو " فرات بن سلمان " كما فى التعجيل المحقق رقم 56، وستأتى ترجمته عنده فى رقم 697 فى هذا الكتاب الإكمال.

2- فى ص35 رقم 50 : أنيس، عن أبى هريرة، وعنه ابنه نافع - كذا وقع، والصواب إنما هو أنس، وهو مالك بن أبى عامر مذكور فى الأصل.

واستوقفنى أنه أثبت ما يلى : " هو أنس، هو مالك بن أبى عامر " أى له اسمان، وهذا شىء عجيب، وإذا عُرِف الخطأ بطل العجب.

الصواب : " إنما هو أبو أنس، وهو مالك بن أبى عامر فالاسم : مالك والكنية أبو أنس، وهو جد الإمام مالك - رحمه الله تعالى. ( التعجيل 1/231 رقم 65 ).

3- وفى الصفحة نفسها رقم (52) : 

أوس بن عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمى المروزى روى عن أبيه وأخيه سهل بن واقد. هكذا سهل بن واقد. 

كيف أثبتت هذه دون أدنى تفكير ؛ لأنه إذا كان روى عن أخيه سهل، فيكون سهل بن عبد الله بن بريدة، لا سهل بن واقد والصواب كما فى تعجيل المنفعة (1/325 رقم 69 ) " وأخيه سهل، وحسين بن واقد " فسقطت حسين. فنشأ هذا التحريف.

4- فى الصفحة التى تليها 36 رقم 53 :

أوس بن عبد الله السلولى البصرى، أبو مقاتل عن عمه يزيد بن أبى مريم.

هكذا : " يزيد بن أبى مريم ". وصحتها : بُرَيْد بن أبى مريم، وهو مالك بن ربيعة السلولى.

كذا فى التعجيل المحقق (رقم 70) وكذلك فى الإكمال المحقق (1/118-119 رقم 53).

5- وفى ص44 رقم 65 فى ترجمة بديل بن ورقاء قال : روى عنه ابنه مسلم. هكذا " ابنه مسلم "، وإنما هو سلمة كذا فى الإكمال المحقق (1/129 رقم 65)، والتعجيل (1/338 رقم 83) والتذكرة للحسينى (1/164 رقم 635).

6- وفى الصفحة التى تليها 45 رقم 69 : بشار الحناط، وفى التذكرة : " الخياط رقم 665 وكذلك فى الإكمال المحقق 1/132 رقم 69، وفى تعجيل المنفعة 1/343 رقم 89.

7- وفى الصفحة نفسها (45) رقم (70) : بشر بن أبى صالح ويقال له : " ابن نفيلة " بالنون، والفاء. وفى التعجيل (1/344 رقم 90) والتذكرة (1/175 رقم 679) ابن بقيلة، وهى كذلك فى مخطوطى الإكمال كما ذكر محققه، أى بالباء الموحدة، والقاف.

8- وفى ص48 رقم 75 : بشير بن عقرب. وهو فى التعجيل (1/348 رقم 96) والتذكرة (1/181 رقم 709) والإكمال المحقق (1/137) رقم 76 كلها : بشير بن عقربة.

9- فى ترجمة توبة بن نمر. نجد عنده أنه روى عنه همام بن إسماعيل. وفى الإكمال المحقق (رقم 90-1/150) والتعجيل (1/366) رقم (113) والتذكرة (1/205) رقم (798) : " ضمام بن إسماعيل " بالضاد، وليس بالهاء.

10- وفى ص (60 رقم 95) : ثروان بن ملحان التميمى. وهو فى التعجيل المحقق (1/373) رقم (120) والإكمال المحقق (1/155 رقم 96) والتذكرة (1/214 رقم 830) - ثروان بن ملحان التيمى.

وهو قد تبع التعجيل غير المحقق (ص63 رقم 119).

11- وفى ترجمة جابر بن الحر النخعى (63 رقم 98) قال روى عن عبد الرحمن بن عباس.

وهو فى الإكمال المحقق (1/158 رقم 99) والتعجيل (1/375 رقم 123) والتذكرة (1/221 رقم 856) : عبد الرحمن بن عابس.

الزيادة فى النص :

12- وقد يزيد فى النص بلا عقل، فيكون كالشياطين التى تَخَطَّفُ من السماء.

فى ترجمة يحيى بن أبى صالح ( ص464 رقم 972) زاد بين معكوفين [ لعله الذى قبله ].

وهذا الذى زاده ليس فى المخطوطين اللذين يزعم أنه حقق عليهما، وقال : أثبته من تعجيل المنفعة، ولو تعقل، وتروى، وتفهم ما زاد هذه العبارة ؛ لأن ابن حجر بَيَّن أن الحسينى أخطأ فى إثبات هذه الترجمة أولًا، ثم أخطأ ثانية حين قال هذه العبارة فى التذكرة لا فى الإكمال.

بين ذلك ابن حجر فى التعجيل، ونقله فى الحاشية المحقق المزعوم، ولكنه لم يستفد منه، فيدرك أنه خطأ فلا يثبته. ( التعجيل ص443 رقم 1165).

ثم إن الذى قبله فى التذكرة هو يحيى بن أبى صالح أبو الحباب، فتشابَه الاسمان، ولم يجد الحسينى هذا الذى يسمى بيحيى بن أبى صالح غير الأول، وذلك بناء على أنه أخطأ - كما بين ابن حجر - فقال : لعله الذى قبله.

ولم يقل الحسينى ذلك فى الإكمال ؛ لأن الذى قبله مختلف تمامًا، وهو يحيى بن داود، فكان من الطبيعى ألا يقول " لعله الذى قبله " وقاله فى التذكرة لتشابه الاسمين.

أما التعجيل فهو ليس للحسينى، وإنما هو لابن حجر، ونقل عن الحسينى ذلك من التذكرة ليبين الخطأ الذى وقع فيه الحسينى.

أَمَا لك عقل يا قلعجى ؟!!.

انظر الإكمال المحقق 2/204 رقم 977 والتعجيل ص443 ترجمة رقم 1164 - والتذكرة 4/1876 رقم 7538، 7539.

13- وبالمناسبة : فى الترجمة التى قبل هذه الترجمة، وهى ترجمة يحيى بن داود الواسطى (ص464 رقم 971) بَيَّن فى السطر الرابع أن ممن روى عنه " السعدى " وإنما هو " البغوى " هل نلتمس العذر له فى أن المخطوطين قالا : السعدى وهذا لم ينبه عليه، وإنما الذى نبه على ذلك محقق الإكمال فى الطبعة المحققة، لا نلتمس العذر له ؛ لأنه قال : إنه سيحقق ويوثق، وما حقَّق وما وثقَّ، ولكن أخطأ وزعم.

نسبة الأقوال إلى غير أصحابها :

14- وقد يؤدى به خطؤه إلى نسبة الأقوال لغير أصحابها ففى الصفحة التى تلت الصفحة السابقة، فى ترجمة يحيى بن عبد الله البغدادى (ص465 رقم 973).

نقل فى السطر السادس : " قال ابن معين : ليس بشىء، وقال : إنه يحدث بأحاديث عن شعبة، وحماد بن سلمة ليست محفوظة ".

ومعنى هذا أن كل هذا من قول ابن معين.

ويظل المرء يبحث عن قول ابن معين هذا ولا يجده، ولن يجده.

والصحيح أنه من قول ابن عدى، سقطت كلمة : " ابن عدى " فنسب القول إلى ابن معين، وقد ينسب الخطأ من لا يدرى إلى الحسينى، مصنف الكتاب ( انظر الكامل لابن عدى 7/2667) والكمال المحقق 2/206 رقم 979.

رجوع إلى التحريف :

15- وفى الصفحة نفسها (ص465 رقم 974) فى ترجمة يحيى بن عبد الحميد بن رافع بن خديج.

قال : وعنه : عمرو بن مرزوق الواسطى وقد تبع فيها التعجيل غير المحقق (ص445 رقم 1168) وصحتها : الواشحى.

( الكمال المحقق 1/207 رقم 980 - والتعجيل المحقق 2/358 رقم 1164 - والتذكرة 3/1881 رقم 7559 ).

وأنتقل إلى أنواع أخرى من عدم التحقيق، وهو دمج ترجمتين فى بعضهما، أو تقديم ترجمة واحدة على أنها ترجمتان، أو إسقاط بعض التراجم.

وسأقدم لكل واحدة مثالًا :

جعل ترجمتين ترجمة واحدة :

16- ومثال دمج ترجمتين فى بعضهما، وجعلهما ترجمة واحدة برقم واحد :

قال فى رقم : ( 1448) - " أبو يعقوب العبدى : عن شيخ بمكة، عن عمر - رضى الله عنه - عن رجل، عن ابن يعلى قال : رأيت النبى صلى الله عليه وسلم مضطبعًا برداء حضرمى، ثم رواه ابن جريج فقال : عن بعض بنى يعلى، عن أبيه فذكره، ثم قال ابن جريج أيضًا عن ابن يعلى، عن أبيه، فذكره، فهذا الذى روى عنه ابن جريج هو صفوان بن يعلى" ( الإكمال ص114 رقم 1448 ).

هذا هو النص، وفيه تحريف وسقط أدى إلى أن جعل ترجمتين ترجمة واحدة.

أولًا : هناك تحريف فى كنية صاحب الترجمة، فهو " أبو يعفور " لا " أبو يعقوب ".

ثانيا : انتهت ترجمة أبى يعفور عند " عمر رضى الله عنه " وحديث صاحب هذه الترجمة فى مسند أحمد (1/ 28) ثم بدأت ترجمة ثانية عنوانها : " ابن جريج عن رجل، عن ابن يعلى... إلخ.

وحديث هذه الترجمة فى مسند أحمد فى (4/222- 223).

ثالثا : وبطبيعة الحال سقط ابن جريج من أول سطر تحت كنية صاحب الترجمة. وهذا هو السبب فى خلط الترجمتين، وجعلهما ترجمة واحدة.

رابعًا : لو تأمل قليلًا لأدرك عدم استقامة الكلام : فالأول : عن عمر، وهذا فى مسند عمر، والثانى عن ابن يعلى قال : رأيت النبى صلى الله عليه وسلم... وهذا من مسند آخر غير مسند عمر. لكنه لا يدرى.

( الإكمال المحقق 2/441-442 رقم 1450-1451) والتذكرة 4/2316 رقم 9805-9806).

وليس فى هذه الصفحة هذا التحْريف، وهذا السقط، وهذا الخلط فقط.

وإنما فى هذه الصفحة الترجمة التى قبل ترجمة أبى يعفور. وهى 1447 : أبو وجزه السعدى. قال تحتها عن رجل، عن عمر بن أبى سالم وإنما هو : عمر بن أبى سلمة.

وفى الصفحة نفسها فى رقم (1449) : ابن أبى ديب. وتكررت فى الصفحة التالية، فذكرت مرتين وصحتها : ابن أبى ذئب (ص614، 615 ).

وفى الصفحة نفسها (615) رقم 1454 : ابن هبير. وصحتها : ابن هبيرة.

جعل الترجمة الواحدة ترجمتين :

17- ومثال جعل الترجمة الواحدة ترجمتين ما فى ص 237-238 رقم 450-451.

فجعل ترجمة لعبد الله بن صندل، وأخذت رقم 450 وترجمة لعبد الله بن أحمد الدورقى وقال بعده : "مجهول"، وأخذت رقم 451.

وهذا وذاك ترجمة واحدة، والثانى : عبد الله بن أحمد الدورقى إنما يروى عن عبد الله بن صندل.

هكذا فى التعجيل (1/744 رقم 555 - وفى الإكمال المحقق (1/464-465) وذيل الكاشف (ص158 رقم 776).

وقد ترتب على هذا الخلط أن جعل المجهول هو عبد الله بن أحمد الدورقى : " بقوله بعده : "فيه جهالة" فسيعود الضمير إلى الدورقى لا إلى ابن صندل، وهذا غير صحيح.

والدليل على هذا الخلط أن الحافظ ابن حجر اعترض على قول الحسينى " مجهول " قال : " كيف يكون مجهولًا من روى عنه جماعة ويأذن أحمد لابنه فى الكتابة عنه، فإن عبد الله كان لا يأخذ إلا من أذن له أبوه فى الأخذ عنه ".

وعبد الله بن أحمد بن حنبل روى لعبد الله بن صندل فى المسند (1/148) ولم يرو عن عبد الله الدورقى فى المسند 

أما عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقى فلا يمكن أن يقول فيه الحسينى أو أحد: إنه مجهول، وقال الدارقطنى إنه ثقة ( سؤالات الحاكم للدارقطنى ص121 رقم 120) ونقل عنه ذلك الخطيب فى تاريخ بغداد (11/8-9 رقم 4900).

ولو كان عند المحقق الزاعم يقظة لتنبه إلى أن الحسينى على صنيعه هذا لم يقل فى عبد الله بن صندل شيئًا على غير عادته، وكان يمكن أن يستوقفه هذا ليبحث ويدرك أن " فيه جهالة " إنما هى لعبد الله بن صندل على عادة الحسينى فى أن يعدل أو يجرح دائمًا فى آخر كل ترجمة.

وعلق تعليقًا ساذجًا فقال عند كلمة " الدورقى " : " كذا بالأصلين، ويبدو أن الاسم قد تصحف بالنسخ ".

ليس هناك تصحيف فى الاسم، فهكذا هو فى المراجع، لكنَّ خلطه هو الذى أدى به إلى ذلك، وهناك تعليق ساذج أيضًا حيث قال تعليقًا على ترجمة " عبد الله بن صندل " فقال : " وقد ذكر الحافظ ابن حجر فى تعجيل المنفعة أن الحسينى قال عنه : " مجهول، ولم أجد هذا اللفظ فى النسختين ".

أقول : لو تأمل طبعة تعجيل المنفعة التى رجع إليها (ص225 رقم 552) وعلق هذا التعليق - لو تأمل لوقف على خطئه فى جعل الترجمة ترجمتين وخلَّط فى تعليقاته.

18- ومثال ذلك أيضًا أن الحسينى عقد ترجمة لأبى شعيب الأنصارى، وبعد سطرين أُقْحِم فى المخطوط ترجمة أخرى، وذلك على أكبر الظن، من الناسخ وتبعه فى ذلك دون تحقيق، ثم عاد الناسخ إلى الترجمة الأولى ترجمة أبى شعيب الأنصارى.

قال فى رقم 1096 :

" أبو شعيب الأنصارى : قال : أتيت النبى صلى الله عليه وسلم، فعرفت فى وجهه الجوع، وعنه أبو مسعود الأنصارى وجابر. والحديث فى الصحيح من رواية أبى مسعود.

ثم قال فى رقم 1097 :

" أبو شعيب عن عمر، وعنه أبو سنان قال : كان رجل من الأنصار يقال له : أبو شعيب، وكان له غلام لحَّام فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعْرَفُ فى وجهه الجوع... إلى آخر الترجمة.

أولا : هذا كلام طويل لترجمة واحدة، وهى " أبو شعيب الأنصارى ".

ولكنه أقحم بين الترجمة الواحدة ترجمة أخرى، وهى [ " أبو شعيب عن عمر، وعنه أبو سنان " ].

ثانيا : هذه الترجمة الأخيرة ليست عند الحسينى، لا فى الإكمال، ولا فى التذكرة، وإنما هى مُزَادة من ذيل الكاشف لأبى زرعة العراقى (ص329 رقم 1844)، وأتى بها بعد أن انتهى من ترجمة أبى شعيب الأنصارى، وليست مقحمة 

ولو قرأ التعجيل (ص494-495 رقم 1308-1309) لما وقع فى هذا الخلط.

ثالثا : قد يقال : إن هذا المحقق جعلهما ترجمتين، كما أنهما فى التعجيل ترجمتين فما الفرق ؟ 

الفرق أن الترجمة الثانية ليست عند الحسينى أصلًا، لا فى الإكمال ولا فى التذكرة، وإنما أتى بها ابن حجر لينبه إلى أن أبا زرعة العراقى ذكرها مستدركًا على الحسينى وزادها بعض النساخ.

وليته صنع ما صنعه محقق الكمال فجعلها بعد الترجمة الأولى، ولم يقحمها وسط ترجمة واحدة.

رابعا : هذا الإقحام، وهذا الخلط نشأ عنه أنه نسب أقوالاً إلى غير أصحابها، وجعل الكلام غير مفهوم.

أما نسبة الأقوال إلى غير أصحابها فهو أنه جعل هذا من كلام الحسينى، ثم علق تعليقًا ساذجًا بقوله : " كأنه الذى قبله ".

كما جعل كلامًا هو فى صحيح مسلم من كلام أبى مسعود قال : كان رجل من الأنصار - جعله من كلام أبى سنان. وهذا تزييف.

وإذا تأملت بقية الترجمة لوجدت كلامًا غير مفهوم وتحريفًا فى الترجمتين التاليتين، ففى السطر الخامس : " رواه عبد سلم، وعنه أحمد فى مسند أبى مسعود.

وهذا تحريف جعل الكلام غير مفهوم، أما الصحيح فهو - كما فى الكمال المحقق - " رواه عنه مسلم، وعند أحمد بن حنبل فى مسند أبى مسعود وأبى شعيب [ أى صاحب الترجمة ] هكذا فى التعجيل أيضا (2/479 رقم 1304).

أخطاء بعضها فوق بعض :

19- وقبل أن نغادر هذه الصفحة ننبه إلى خطأين فيها كذلك. 

الأول : قال فى رقم (1098) - " أبو شيبة الأزدى " وإنما هو أبو الشماخ الأزدى. ولا أدرى كيف تحولت هكذا مع عدم تشابه الكلمتين فى الحروف إلا فى حرف الشين. ( انظر الكمال المحقق 2/232 رقم 1102 والتعجيل 2/481 رقم 1307).

الثانى : قوله فى رقم (1099) : أبو شيبة المهدى، وإنما هى أبو شيبة المَهْرِى. ( الإكمال المحقق 2/293 رقم 1103 )، ( والتعجيل 2/482 رقم 1308).

سقوط بعض التراجم منه :

20- بقى أن نبين أنه سقط منه بعض التراجم، ومنها :

أ- ترجمة " خالد، ويقال : مالك بن عبد الله، عن عمرو بن العاص، وعنه أبو قبيل. مجهول ".

( مسند أحمد 2/171، 4/204، ذيل الكاشف ص91 رقم 370 - الكمال المحقق 1/255 رقم 214) وهو عند المحقق المزعوم ينبغى أن يكون بين خالد بن سليمان الحضرمى ( رقم 210) وخالد بن عبيد ( رقم 211).

ب- وممن سقط كذلك محمد بن عبد الرحمن الحجازى، عن ابن الزبير، وعبد الله بن جعفر بن أبى طالب، وعنه مسعر والمسعودى.

وهذه الترجمة بين رقم 782 لمحمد بن عبد الرحمن بن المجبر، وبين رقم 783 - لمحمد بن عبد الملك بن مروان القرشى فى الإكمال المحقق .

ومن العجيب أن يعلق على هذا الأخير بقوله : وقع فى الأصلين : " محمد بن عبد الرحمن، والصحيح أنه محمد بن عبد الملك بن مروان القرشى ".

وبناء على هذا الفهم الخاطئ أسقط ترجمة محمد بن عبد الرحمن الحجازى - على أكبر الظن.

وهذه الترجمة فى الإكمال المحقق (2/76 رقم 788) وحديثه فى مسند أحمد (1/203-204). وفى ذيل الكاشف (ص252 رقم 1367) وفى التذكرة (3/1553 رقم 6195) وتعجيل المنفعة (2/192-193).

وكلهم رمز له ( أ ) أى من زوائد أحمد، وهو موضوع الإكمال.

هذا قليل جدًّا مما فى هذا الكتاب من الأخطاء الكثيرة التى وقعت ؛ لأن مدعى التحقيق ليس أهلًا له، ولأن هدفه هو الكسب المادى.

ومن أجل أن يروج لكتابه كتب على الغلاف : " سلسلة منشورات جامعة الدراسات الإسلامية - كراتشى - باكستان.

ولا أدرى، هل رضيت الجامعة بذلك، وهل راجعت ما ينسب إليها من هذا التزييف ؟!

لا أظن أنها رضيت بذلك، أو اطلعت على هذا الذى ينسب إليها ؛ لأن المعروف عن إخواننا فى باكستان والهند أن عندهم دقة وأمانة فى نشر التراث، ويشهد لذلك تلك الكتب الكبرى التى قاموا بنشرها، وما أكثرها.

نسأل الله السلامة ونعوذ به من أن نزيف فى تراث دينه، أو أن نخلط الحق بالباطل فى هذا المجال.

  خاتمة

هكذا رأينا على طول هذا البحث وعرضه مقدار ابتلاء بعض الكتب المخطوطة بأمثال هؤلاء المفسدين فيها ؛ تحريفات، وسقطات، ونسبة أقوال إلى غير قائليها، وتصحيفات وافتراءات على هذه الكتب، وعلى مؤلفيها، وعلى أقوال أئمة تشع نورًا، فإذا أمثال هؤلاء يجعلونها مُعَمَّاة لا تفهم، أو طلاسم لا تُفْقه.

وتُقَدَّم هذه الطبعات فى صورة حسنة فيغتر بها أمثالى، ويدفعون فى شرائها الأموال، ثم تكون حسرة وندامة ؛ أن ضُيِّع المال الذى بذل فى شرائها، والاعتداء على تراث الإسلام أكبر.

وكنت قدمت ملخصًا لهذا البحث، وَعَدْتُ فيه أن أتناول أربعة كتب، هذه الكتب التى تحدث عنها هذا البحث وكتاب آخر وهو" أدب الفتوى لابن الصلاح" فى طبعة له مشوهة كذلك، ولكن أعتذر للقارئ الكريم أن لم أكتب عنه ؛ لأننى رأيت أنه بذلك سيخرج البحث عن نطاق ما رسم له من عدد الصفحات التى حددها المؤتمر.

على أننى قد كشفت عن أخطاء كثيرة فى هذا الكتاب، وألحقتها بطبعة له نشرت بتحقيقى منذ زمن بعيد.

واقترحت فى هذا الملحق أن يعمل العلماء على إنشاء رابطة أو نادٍ لعلماء الحديث، يتواصَوْن فيه بكشف زيف هذه التحقيقات المزعومة؛ ليُحَذِّروا قومهم من بلاياها.

وأجدد هذه الدعوة بمناسبة هذا المؤتمر الكريم.

والله عز وجل ولى التوفيق، وصلى الله تعالى وسلم وبارك على سيدنا محمد النبى الأمين، وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوتهم، وسار على نهجهم وهُداهم إلى يوم الدين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين.

 

  أهم المصادر

- آداب الشافعى ومناقبه : عبد الرحمن بن أبى حاتم الرازى (240-327هـ) تحقيق عبد الغنى عبد الخالق - مكتبة التراث الإسلامى - القاهرة.

- الإكمال : فى ذكر من له رواية فى مسند أحمد سوى من ذكر فى تهذيب الكمال : محمد بن على الحسينى (ت 765هـ) تحقيق عبد الله سرور بن فتح محمد - دار اللواء - الطبعة الأولى 1412هـ / 1992م - الرياض.

- الإكمال : الكتاب السابق - الطبعة الأولى 1409هـ / 1989م سلسلة منشورات جامعة الدراسات الإسلامية كراتشى - باكستان - ادعى تحقيقه عبد المعطى أمين قلعجى.

- التذكرة بمعرفة رجال العشرة : أبو المحاسن الحسينى (715-765) تحقيق د/ رفعت فوزى عبد المطلب - مكتبة الخانجى - القاهرة - الطبعة الأولى 1418هـ/ 1997م.

- تعجيل المنفعة بزوائد الأئمة الأربعة : أحمد بن على بن محمد بن حجر العسقلانى (773-852هـ) تحقيق د/ إكرام الله إمداد الحق - دار البشائر الإسلامية - بيروت - الطبعة الأولى (1416هـ/1996م).

وهذه الطبعة من مجلدين، والإشارة إليها تكون بالجزء والصفحة، أما الإشارة إلى الطبعة الأخرى ففى الصفحة فقط ؛ لأنها فى مجلد واحد ونشرت بدار الكتاب العربى - بيروت بدون تاريخ.

- ذيل الكاشف : أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقى (ت 826هـ) - تحقيق بوران الضناوى - دار الكتب العلمية - بيروت لبنان.

- طبقات الفقهاء الشافعيين : عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير (ت 774) تحقيق أنور الباز - دار الوفاء - المنصورة - جمهورية مصر العربية - الطبعة الأولى 1425هـ/2004م.

أما الطبعة التى انتقدناها فهى من منشورات مكتبة الثقافة الدينية - 1993م.

- غريب الحديث : أبو عبيد القاسم بن سلام الهروى (ت 224هـ) تحقيق د/ حسين محمد محمد شرف - مجمع اللغة العربية بالقاهرة - 1404هـ/1984م.

- غريب الحديث : أبو الفرج عبد الرحمن بن على ابن الجوزى (510-597هـ) - نشره عبد المعطى أمين قلعجى - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى 1405هـ/1985م.

- الفائق فى غريب الحديث : جار الله محمود بن عمر الزمخشرى. تحقيق على محمد البجاوى ومحمد أبو الفضل إبراهيم - عيسى البابى الحلبى - الطبعة الثانية القاهرة.

- مناقب الشافعى : أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقى (384 – 458 هـ) تحقيق السيد أحمد صقر - مكتبة دار التراث - القاهرة.

- النهاية فى غريب الحديث والأثر : مجد الدين أبو السعادات المبارك ابن الأثير الجزرى (544-606هـ) تحقيق طاهر أحمد الزاوى ومحمود محمد الطناحى - دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابى الحلبى - الطبعة الأولى (1383 هـ /1963 م).

العودة لصفحة المؤتمر