كلمة المشاركين بالمؤتمر يلقيها نيابةً عنهم
فضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عمر هاشم
عضو هيئةِ كبارِ العلماءِ بالأزهرِ الشريفِ،عضوُ هيئةِ كبارِ العلماءِ بالأزهرِ الشريفِ، ورئيسُ جامعةِ الأزهرِ سابقًا
العودة لصفحة المؤتمر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، المبعوث رحمةً للعالمين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأتوجه بالحمد والثناء والشكر لله تعالى الذى هدانا لهذا، وما كنا لنهتدى لولا أن هدنا الله، ثم أتوجه بالشكر إلى هذه الجمعية والمؤسسة المباركة (المكنز الإسلامى) ولأسرة القائمين على هذه الرعاية لهذا المؤتمر ولهذا العمل الإسلامى الهام فى خدمة سُنَّة خير الأنام عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.
وأحب أن أحييكم جميعًا، فقد سُرِوْرت وانشرح صدرى وأنا أصافح أهل الحديث وعلماءه، خاصة الذين جاءوا من بلادنا ومن وطننا الإسلامى، وجاءوا إلى مصر لحضور هذا المؤتمر، وشَرُفْتُ بكل عالم من علماء الحديث؛ بل وبكل طالب من طلابه، فحسبه هدية وتحية، دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم بنضارة الوجه ونوره لأهل الحديث «نضَّر الله امرأً سمع مقالتى فوعاها، فأداها كما سمعها، فرُبَّ مُبلَّغٍ أوعى من سامع» حتى قال سفيان رضى الله عنه "ما من أهل الحديث أحد إلا وفى وجهه نضرة ونور ببركة دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم" .
من أجل ذلك قال الإمام الشافعى رحمه الله "إذا رأيتُ واحدا من أهل الحديث فكأنى رأيتُ واحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقد صحبوا أنفاسه، إن لم يصحبوا نَفْسَه ولم يعاشروه ولم يعاصروه، فقد صحبوا أنفسها الطهارة، حتى قال قائلهم:
أهل الحديث هُمُ أهل النبى وإن ** لم يصحبوا نَفْسَهُ، أَنْفَاسه صَحِبوا
من أجل ذلك أرى فى هذا الملتقى الوقار والأنوار، وأرى أهميةً بالغةً، جدير بهذه الأمة أن يكون فيها أمثال هؤلاء العلماء والأئمة المؤسسات والجمعيات التى تنهض مجاهِدةً فى سبيل نُصرة الإسلام بنُصرة السنة ودرء الأفكار المحدقة بها، وتلك الهجمات الشرسة التى شنها كثير من أعداء الإسلام عليها؛ بل ممن ينتمون إلى الإسلام اسمًا ووكلت لهم وأتيحت لهم هذه المشاهد في العديد من مواقع الاتصال وبعض القنوات الفضائية التى شغبت على أشرف تراث فى الوجود، وعلى سنة صاحب الحوض المورود، والمقام المحمود، سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فمن أجل ذلك أرى أن فى هذا اللقاء انتصارًا للسنة وإعلانًا لجمع الكلمة بين علماء الحديث فى وطننا الإسلامى، الذين سعدنا بهم الآن، فنريد أن نخرج من هذا المؤتمر بإجماع فيه لقاء حميم ومخلص نتواصى فيه جميعا بكاتئبنا الإسلامية وأبنائنا ومَن يخدمون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهبوا لنصرة السنة، ودرء الأخطار ورد الشبهات الوقوف صفًا واحدًا إزاء تلك الهجمات الشرسة التى لا تخفى على حضرتكم.
وإنا لنرجو الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لخدمة سُنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نصلى ونسلم عليه، وندعوا ربنا أن يوافقنا جميعًا لنشر ثقافة السنة، التى هى ثقافة الإسلام، والتى فيها الخير كل الخير لأمتنا خاصة فى هذه الفترة التى ترنحت فيها نظريات وتزاحمت فيها أيدلوجيات وأفرزت من تيارات الشر والعدوان ما أفرزت، رغم ما وصلت فيه من انفجار معرفى فى عالمنا وتحدٍ حضاري، كنا ننتظر أن يزيدنا قربًا من الحقائق، وتيسيرًا لكثير من الأمور الحياتية، بيد أنه مع انطلاقته المادية المحسوسة كان شاغرا من الجوانب الروحية مما خلَّف هذه التيارات التى شغبت على ديننا وعلى أخلاقنا، فكانت السنة مدعوة وكان رجالها مدعوين وكان أهل الاختصاص فيها مطلوبين ليحققوا هذه الوقفة المهمة، والوقفة التى ننشودها ونريد أن نخرج بها من هذا المؤتمر، وحدة صف بين علماء الحديث فى سائر أقطار العالم الإسلامى.
وإنا يا سيدى يا رسول الله لم نفرط فى سنتك، وسنظل متمسكين ومدافعين عنها
أبثكم يا رسول الله بعض أسفى *** من جيش إفك على البهتان معتزم
قد حاولوا سيدى إنكار سنتكم *** فأُنْذِروا بلهيب النار والحمم
لن يهدموا سرحها العالى وإن كثروا *** ومَنْزِلُ الإفك إن نمسسه ينهدم
لولا حديثك لم نعرف شريعتنا *** ولم نُصَلِّ ولم نحجج ولم نصمِ
بهديكم عُرِفت أحكام شِرعتنا *** جاءت مفصلة فى لا وفى نعمِ
تكفل الله بالقرآن يحفظه *** وقولك الحق شرح للكتاب نُمِى
نفدى حديثك ما عشنا بأنفسنا *** نرويه بالسند العالى بكل فمِ
فأنت يا خير خلق الله أسوتنا *** وأنت جاهٌ لنا من كل مختصمِ
ومن يكن برسول الله مقتديًا *** لم يبتئس في الدنا يومًا ولم يُضَمِ
سادتنا الاجلاء، إن هذا المؤتمر لم يأتِ من فراغ، ولكن لأن القائمين عليه استشعروا القضية الملحة والواجب الذى يفرض نفسه علينا فى هذه الآوانة، أن ندلى بدلونا، وأن نكون صفا واحدا، وأرجو أن نخرج من هذا المؤتمر بوحدة صف وجمع كلمة، والله من وراء القصد، وأتوجه وأدعوا الله تعالى أن يفيض علينا من توفيقه ما نحقق به الأمل المنشود لخدمة سنة صاحب الحوض المورود صلوات ربى وسلامه عليه وآخر دعونا أن الحمد الله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
العودة لصفحة المؤتمر